وجوب الزكاة وشروطها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البعلي -رحمه الله تعالى-:
كتاب الزكاة
إنما تجب على حر مسلم تام الملك في النعم، بشرط الحول والنصاب والسوم أكثر السنة، وفي عروض التجارة والنقدين لا حلي مباح معد لاستعمال، أو العارية، بشرط الحول، ولربح تجارة ونتاج حول الأصل، وفي الحبوب كلها وكل ثمر يكال ويدخر، بشرط النصاب، فلو نقص أو أبدله بغير جنسه انقطع الحول لا إن فر من الزكاة، ويُزَكَّى الدين على مليٍّ وقت قبضه، ويمنعها الدين بقدره.
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله -تعالى-، ذكرت معها في أكثر المواضع التي تذكر فيها الصلاة؛ ولذلك لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخلف أبو بكر ارتد بعض العرب ومنعوا الزكاة، فلما صرحوا بمنعها عند ذلك عزم أبو بكر على قتالهم، فقال له بعض الصحابة كَعُمَرَ: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: "لا إله إلا الله" فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها فقال أبو بكر: إن الزكاة حق المال، وهي من حق "لا إله إلا الله" وقال: والله لأقاتلن مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال.
وذلك لأنها قرينة الصلاة، من أقر بالصلاة ومنع الزكاة فقد فرق بين ما جمع الله -تعالى- بينه، فلذلك يقاتل من منعها، واستدل بحديث عبد الله بن عمر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة فصرح بأنهم لا بد أن يؤتوها، وقال الله -تعالى-: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى قوله: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ وفي الآية الأخرى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ .
فجعل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من أسباب أو من علامات الأخوة "إخوانكم في الدين" هكذا، فلذلك تكون الزكاة من واجبات ومن أركان الدين، لا بد من أدائها، فيقال: أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، فقد أعطاكم الكثير وأرضى، وطلب منكم اليسير قرضا، والله -تعالى- ليس بحاجة إلى عباده، ولكنه ابتلاهم بالأموال التي أعطاهم والتي وفرها عندهم، وابتلاهم بالفقراء الذين بينهم، والذين هم بحاجة إلى مواساتهم؛ وذلك لأن الله -تعالى- فاوت بين خلقه، فبعضهم يسر له الأموال وأسبغ عليه النعم وأعطاه من أصناف الأموال، وبعضهم حرمه ذلك وسلط عليه الفقر والفاقة وشدة المؤونة، فكان لهؤلاء الفقراء حق في أموال الأغنياء.
قال الله -تعالى-: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ السائل: هو الذي يتكفف الناس، والمحروم: الذي هو متستر ومتعفف لا يتكفف ولا يسأل الناس، وهو في الحقيقة أحق من غيره؛ ولذلك جاء في الحديث: ليس المسكين بهذا الطواف، الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس هؤلاء هم أولى بأن يتصدق عليهم إذا عرفت حالتهم.
قال الله -تعالى-: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الحصر هو المنع، يعني: أنهم لم يستطيعوا، مَنَعهم الفقر من الغزو: لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ أي: سفرا للتكسب: يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ أي: بعلامات يتميزون بها: لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا أي: لا يسألون الناس فيلحفون، لا يلحفون في المسألة، هؤلاء هم الذين جعل الله -تعالى- لهم حقا، لا شك أنهم يشاهدون أصحاب الأموال وقد أنعم الله عليهم وأعطاهم من أنواع الأموال، فيرون أن لهم حقا في هذه الأموال، وتتطلع نفوسهم.
فلذلك على أصحاب الأموال أن يخرجوا هذا الحق الذي هو جزء يسير في كل سنة، لا يضرهم ولا يقلل أموالهم، بل إن الله -تعالى- يخلف عليهم، قال الله -تعالى-: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ أي: يعطيكم بدله، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله .
الزكاة في اللغة أصلها النماء والزيادة، قيل: إنها سميت زكاة؛ لأنها تنمي المال وتوقع فيه البركة والزيادة؛ فلذلك سميت زكاة، وتسمى صدقة تدخل في قول الله -تعالى-: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وفي قولـه: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سميت صدقة لأنها تدل على التصديق .
كأن صاحبها مصدقا بخبر الله ومصدقا بوعده، أنه سيخلف عليه ما أنفق، فلذلك إذا وثق بأن الله يخلف عليه، فإنه لا ينقص ماله بهذه الصدقة، هكذا أخبر الله -تعالى-: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وجاء في حديث: أنه ينزل ملكان كل صباح يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، يقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا يعني: الممسك هو الذي يمسك المال ولا يخرج حقوقه.
ورد الوعيد الشديد على منع الزكاة، ذكر في التفسير قول الله -تعالى-: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ يقول ابن عباس: "كل مال أديت زكاته فليس بكنز". دل على أنهم يتعرضون للعقوبة ويتعرضون لتلف المال.
وفي تفسير قول الله -تعالى-: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذكر أنه يمثل له ماله كأنه شجاع أقرع، أي الشجاع الأقرع يعني: الأفعى الكبيرة، أو الثعبان يطوقه سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يكون طوقا في عنقه، وينهشه ويقول: أنا مالك، أنا كنزك. هذا وعيد شديد.
وجاء في الحديث: ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأسنانها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، فيرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار وذكر كذلك في صاحب البقر والغنم. ولو لم يكن إلا آية: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فيكون الإنسان إذا بخل بما أعطاه الله متعرضا لهذا الوعيد.
ذكر أن الزكاة إنما تجب على الحر المسلم، وذلك لأن العبد لا يملك شيئا، فهو وما في يده ملك لسيده، فإذا جعل له صاحبه مالا يعمل فيه، فذلك المال للسيد، فعليه أن يخرج زكاته، أو يضمه إلى زكاته في الأموال الأخرى، حتى ولو مَلَّكَه، لو قال له: لك هذا الدكان بما فيه. ولكن معروف أنه عبده، متى أراد أخذ منه ما أعطاه.
"فعلى حر مسلم" لا يلزم بها الكافر؛ وذلك لأنها طهرة لأموال المسلمين، الكفار ليس تطهرهم هذه الصدقات ونحوها؛ لأن ذنبهم أكبر، تؤخذ منهم الجزية التي تكون علامة لإهانتهم وإذلالهم، وتكون تقوية للمؤمنين، وتكون سببا لإسلامهم فيما بعد.
ولا بد أن يكون تام الملك، أن يكون الملك قد تم تملكه، فإذا كان مالا كتابه، فإنه لا يزكى؛ لأنه لم يتم ملكه، لو كان لك عبد واشترى نفسه بعشرة آلاف، وجعل يشتغل، وكل سنة يؤدي إليك ألفا أو ألفين، عشرة الآلاف هذه لا زكاة فيها؛ وذلك لأنه لم يتم الملك، يمكن أن العبد يعجز ويرجع إلى الرق، هذا مع تمام الملك.
كذلك أيضا دين السلم عرضة للفسخ، إذا اشتريت من إنسان ألف كيلو من الأرز، أو من البر، يؤديه إليك بعد سنة، أو بعد نصف سنة، فهذا الأرز لا زكاة فيه حتى تقبضه ويحول عليه الحول، فإنه قد يعجز، لا يقدر على أن يسلمه، فلا يكون مملوكا تمام الملك. صداق المرأة قبل الدخول عرضة للفسخ، فملكه غير تام، إذا أصدقها مثلا ستين ألفا، فإنها تملك ثلاثين، والثلاثون الباقية عرضة للفسخ، يمكن أن يطلق قبل الدخول فيرجع بنصفه، فهو ليس تام الملك.
الزكاة تجب في أربعة أشياء: في بهيمة الأنعام، وفي عروض التجارة، وفي النقدين، وفي الحبوب والثمار. هكذا ذكروا.
بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، تجب فيها الزكاة؛ لأنها تتنامى وتتوالد وتكثر، فقد تلد في كل سنة مثلها، أو أكثر أو أقل، يعني بالنسبة إلى الأغنام، الغنم يكثر توالدها، وفيها جعل الله فيها البركة، وكذلك الإبل والبقر تجب بشروط:
الشرط الأول في الإبل والغنم والبقر: تمام الحول، لا تؤخذ إلا في كل سنة.
الشرط الثاني: النصاب. يعني: نصاب الإبل خمس، والغنم أربعون، والبقر ثلاثون.
الشرط الثالث: السوم أكثر السنة. السوم هو الرعي، الرعي يعني: كونها ترعى من المرعى. يخرج المعلوفة التي تعلف أكثر السنة، هذه لا زكاة فيها؛ وذلك لقلة أو لعدم تمام النعمة، بخلاف التي ترعى من النبات، فإن النعمة فيها أكثر، السوم هو الرعي، قال الله -تعالى-: وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ أي: ترعون أنعامكم.
الثاني: عروض التجارة. سميت عروضا لأنها تعرض للبيع، ولأنها تعرض وتزول، ففيها الزكاة في قيمتها.
النوع الثالث: النقدين (الذهب والفضة)، فيه الزكاة، وكذلك ما يقوم مقامهما في هذه الأزمنة من الأوراق النقدية، ففي الجميع زكاة إذا بلغ النصاب، أما الحلي فلا زكاة فيه على المشهور، والمراد: حلي النساء، إذا كان مباحا معدا للاستعمال أو العارية بشرط الحول.
يقول: لا زكاة في الحلي. المراد بالحلي: ما تتحلى به النساء، غالبهن يكون الحلي من الذهب، ففي الرقبة القلائد، إذا كانت من الذهب أو الفضة، وفي هذه الأزمنة ما يسمى بالرشارش، وفي الذراع الأسورة، وهو ما يسمى بالبناجر أو بالغوائش، هذه من الحلي للنساء، وفي الأصابع الخواتم، واحدها خاتِم أو خاتَم، سواء في العشرة أصابع أو في غيرها، هذه سواء كانت من ذهب أو من فضة، وكذلك في الأذن ما يسمى بالأقراط، القرط: هو ما يعلق في الأذن، ويسمى عند العامة أو عند الخاصة الخرص، وجمعه أخراص أو خروص، فهذه من الحلي.
توسع الناس في هذه الأزمنة وابتكروا أشياء من الحلي، وإن كان أيضا جنسها قديما، ففي الساقين الخلاخل، وهو جمع خلخال، وهو من الفضة أو من الذهب أو من النحاس، ويجعل في وسطه هو كنصف دائرة تدخله المرأة في ساقها، وفي وسطه حصيات صغيرة، إذا مشت يسمع له طنين، وهو الذي قال الله فيه: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ .
يعني: إذا كانت المرأة عليها خلاخل وقد سترتها بقميصها، فلا يجوز لها إذا دخلت الأسواق أن تضرب بأرجلها حتى يتحرك ذلك الخلخال، فيكون له صوت يلفت الأنظار. وفي العضدين ما يسمى بالمعبض، يلبسه كثير من النساء من ذهب أو فضة، وفي الوسط الحزام، يصنع من ذهب أو من فضة، وتعقده المرأة على وسطها مثل الحزام للرجل،.
ويمكن أن يكون هناك ما يلبس في الصدر، أو ما يعلق ويربط في الشعر أو غير ذلك، فالأصل أنه يلبس للزينة، فإذا كان مباحا، فإنه لا زكاة فيه، إذا كان للاستعمال أو للعارية، يعني: للاستعمال، أو للعارية تعيره كصدقة وتوسعة. وأما إذا كان للإجارة ففيه الزكاة إذا حال عليها الحول، إذا كانت تؤجره كل ليلة بكذا، أو ما أشبه ذلك.
قوله: "بشرط الحول". يظهر أن في الكلام سقطا؛ لأن أكثر العلماء ذكروا أنه لا زكاة فيه، إلا إذا أعد للكراء (للتأجير)، أو كان محرما، فإن فيه الزكاة بشرط الحول، إذا كان محرما يعني: كالمغصوب ونحوه، أو كانت المرأة تؤجره كل ليلة بكذا، تستأجره المتزوجة ونحوها، ففي هذه الحال فيه الزكاة، هذا هو القول المشهور عند فقهاء العلماء.
هناك قول آخر مشهور: أن فيه الزكاة، ولما كان فيه خلاف اختلف العلماء: فمشائخنا الأولون لا يرون فيه زكاة، إلا إذا كان معدا للكراء، أو كان محرما، ولكن بعض المشائخ: كالشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- يرى أنه يزكى، وذلك لأنه صح فيه حديثان: عن عبد الله بن عمرو، وعن عائشة، وقد أجاب المشائخ عن الحديثين بأن فيهما مقال، أو أنهما شاذان، أو نحو ذلك، وذلك لأن الأصل عدم الزكاة في كل المستعملات: كالبيوت التي يسكنها لا زكاة فيها، والنواضح التي ينضح عليها، وتسمى السواني التي يجتلبون عليها الماء من الآبار لسقي الأشجار، لا زكاة فيها، ولو كانت سائمة.
وهكذا الزائد من الأكسية، بعض النساء قد تشتري الثوب بألف وربما بخمسة آلاف، ويكون عندها ... قد يكون عندها عشرون ثوبا أو ثلاثون ثوبا، قد تكون قيمة كل ثوب مائتان أو نص الألف، ومع ذلك لا تزكي، وهكذا أيضا لو توسع في الأواني، يكفيه مثلا ثلاثة كئوس، واشترى مائة كأس، يكفيه أربعة قدور، واشترى ثلاثين قدرا، وكذلك الصحون، وكذلك الأباريق، يكفيه ثلاثة أباريق، واشترى عشرين إبريقا، ونحو ذلك، فهل يقال: إن في هذه زكاة؟
الصحيح أنه لا زكاة فيها؛ لأنها غير معدة للتجارة، وإنما هي للاستعمال، ولو كانت كثيرة زائدة عن قدر حاجته، ولو اشتراها لأجل أن تسقط عنه الزكاة، يعني بعض الناس يقول: عندي الآن خمسين ألفا، زكاتها ألف ومائتان وخمسون، سوف أشتري بها أواني، أشتري بها فرش وإن كانت زائدة، وكتبا وإن كانت زائدة، وأباريق وصحون وقدور وأقمشة وأحذية، وأواني وكؤوس، حتى تسقط الزكاة، واجعل هذه عندي، إذا رغبت في ثمنها بعت منها ما أريد، والباقي رددته في حالته. نقول: هذا فر من الزكاة فلا تسقط، بل تجب عليه.
والحاصل أن الحلي إذا كان للاستعمال، فالراجح أنه لا زكاة فيه، ولكن يزكي احتياطا وخروجا من الخلاف، وأما إذا كان يؤجر، أو كان محرما، ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول.
لا يشترط الحول لربح التجارة، ولا لنتاج البهيمة، يكتفى بحول الأصل، مثال ذلك: إذا كان عند إنسان ثمانون من الغنم، استمرت ثمانين إلى تسعة أشهر ونصف، أو عشرة أشهر، بعد ذلك ولدت الثمانون بخمسين، أصبحت مائة وخمسة وثلاثين، أو مائة وثلاثون، الآن فيها شاتان؛ ذلك لأنها زادت على مائة وعشرين، فإذا قال: هذه سخال صغيرة ما تمت السنة، إنما لها ثلاثة أشهر أو نحو ذلك. فالجواب أن حولها حول أصلها، حيث أن أصلها أكثر من النصاب، فلا حاجة إلى أن يحول عليها النصاب، أن يحول على الأولاد الحول، حولها حول أصلها.
وأما ربح التجارة مثاله: إنسان رأس ماله ستمائة، ستمائة نصاب، جلس يتاجر في أول السنة، أول السنة التي هي واحد محرم، وأخذ يربح في هذه الست كل يوم، أو كل شهر، يربح مثلها، يربح ستمائة أو ألفا، ولما تمت السنة وإذا المال عنده عشرون ألفا، أولها ستمائة، وستمائة نصاب، حال الحول وإذا هي عشرون ألفا، بعضها ربح عشرة أشهر، وبعضها ربح ستة، قد أتى عليه ستة، وبعضها ماله إلا شهر ونصف شهر، يزكي الجميع، حولها حول الأصل، إذا كان الأصل قد تم النصاب، هذا معنى ربح التجارة لا يشترط له الحول، وكذلك نتاج البهيمة من إبل أو بقر أو غنم.
الرابع من الأموال الزكوية: الخارج من الأرض: الحبوب كلها والثمار التي تكال وتدخر، بشرط النصاب، الحبوب يعم الحبوب التي هي قوت والتي ليست قوتا، وذلك لأنها تكال وتدخر، فالزكاة فيها لأنها تتم بها النعمة، لو نقص النصاب في وسط السنة، انقطع الحول، لو كان نصابه ابتدأ به وعنده ألف من الدراهم، وجعل يتجر، وربح في ستة أشهر عشرة آلاف، ثم إنه احتاج وصرف من الربح ومن رأس المال أحد عشر ألفا ونصف، وما بقي عنده إلا نصف (نصف ألف)، بعد ذلك جعل يتجر في هذا النصف، ولما تم الحول وإذا عنده خمسة آلاف، فهل نلزمه أن يزكي العشرة الأولى التي دفعها في دين، أو في زواج أو نحوه؟
نقول: انقطع الحول، ولا يتم حول الخمسمائة التي هي أقل من النصاب، إلا بعد تمام النصاب، فإذا قلنا: إن النصاب خمسمائة وستون، هو في شهر رجب نقص ما بقي عنده إلا أربعمائة، وفي آخر شهر رجب تم الذي معه ألفا، تم النصاب في آخر شهر رجب، ابتدأ ينمي ماله، ابتدأ يتجر فيه، متى يزكي؟ في رجب المستقبل، إذا جاء رجب فإنه ينظر كم معه من رأس المال ومن الربح؟ إذا ربح مثلا عشرة آلاف، أو خمسين ألفا في هذه السنة، يزكيها في رجب الذي تم فيه النصاب.
يقول: "إذا أبدله بغير جنسه انقطع الحول إلا إذا فر من الزكاة". صورة ذلك: إذا كان عنده مثلا مائة من الإبل، فيها حقتان، ولما تمت عنده تسعة أشهر أبدلها بسيارات، هذه السيارات سيارتين مثلا، أراد بذلك التجارة بيعهما، نقول: انقطع الحول، هاتان السيارتان يكونان من العروض، فلا يزكي قيمتهما، لا يزكيهما إلا في نصف السنة، يعني: بعد تمام السنة.
إذا كان بيعه هربا من الزكاة، لم تسقط، فإذا كان عنده مائة ألف، ولما قرب الحول اشترى بها دارا، يريد ألا يزكيها، زكاة المائة ألفين ونصف، ولما مضى الحول باع الدار لا تسقط الزكاة، ذلك لأنه هرب من الزكاة ببيعه لها واشترائه الدار، هذا هو الأصل: أن من فر من الزكاة فإنه يلزم بها.
الزكاة في الدين: إذا كان الدين على مليء يقدر أن يقبضه متى أراد، اعتبر كأنه أمانة ووديعة ما تسقط زكاته، كأنه يقول: تركته عنده حتى يغيب عني، أو حتى يحفظه لي، أو لست بحاجته وهو يتاجر به عند صديقي، عند أخي.
من العلماء من يقول: يزكيه إذا قبضه عما مضي، إذا كان الدين مائة ألف، وبقي عند الآخر وهو يقدر على أخذه أربع سنين، ثم قبضه، فإن زكاة مائة الألف ألفين ونصف، فعلى هذا يخرج عشرة آلاف، عن كل سنة ألفين ونصف، يزكيه عما مضى، يزكيه وقت قبضه، ويمكن أن نقول: زكه ولو كان في ذمة ذلك الإنسان، لأنك تقدر على أخذه وتعتبره كالأمانة.
الدين في المال يمنع الزكاة، صورة ذلك: إذا كان التاجر عنده من تجارته خمسمائة ألف، يعني: السلع التي عنده تساوي خمسمائة ألف، ولكن يقول: عندي دين خمسون ألفا لفلان، وعندي ثمانون ألفا لفلان، وعشرون ألفا لفلان، فالجميع مائة وخمسون ألفا، ورأس ماله الذي عنده خمسمائة، ينزل هذا الدين ويزكي الباقي، الدين الذي هو مائة وخمسون ألفا، يبقى ثلاثمائة وخمسين من رأس المال، أو من التجارة.
محل الزكاة
ومحلها العين، وعنه الذمة، ولو مات أخذت من تركته.
--------------------------------------------------------------------------------
يقولون: "الزكاة محلها العين، وعنه محلها الذمة" . أي روي عن الإمام أحمد أنها تتعلق بالذمة، وقيل: إنها تتعلق بالعين. الفرق بين الروايتين إذا قلنا: إنها تتعلق بالعين. يعني: هذا الدكان فيه عوض أربعمائة ألفا، زكاته عشرة آلاف، وجبت ولكنه أخر إخراجها، احترق الدكان، فهل نقول: سقطت لأنها تتعلق بالعين؟ أو نقول: ما سقطت لأنها تتعلق بالذمة؟
من قال: إنها تتعلق بالعين يقول: إنها سقطت؛ لأن المال الزكوي قد تلف، فكيف يخرج الزكاة عن مال قد احترق. والقول الثاني: أنها تتعلق بالذمة. فعلى هذا إذا احترق الدكان، أو ماتت الماشية، أو احترق الزرع بعدما حصد، فإنها لا تسقط لأنها في ذمته، وقد يعتبر مفرطا؛ حيث أنه أخر إخراجها، فيلزم بأن يخرجها؛ لأنك فرطت، لماذا لم تخرجها في حينها؟ أما إذا احترق قبل تمام الحول فإنها تسقط؛ لأنها ما تجب إلا بتمام الحول.
يقول: "ولو مات أخذت من تركته" . إذ مات ولم يخرجها وفرط، فإنها تخرج من تركته مثل الديون، الديون التي في ذمته يطالب بها أهلها.
الزكاة على الفور
وتجب على الفور إن أمكن الأداء ولا تسقط بتلفه.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول: "وتجب على الفور إن أمكن". يعني: ساعة ما يتم الحول أخرج الزكاة، يجوز تأخيرها إذا كان هناك سبب، كأن ينتظر بها فقيرا، ينتظر أن يأتي ذلك الفقير الذي يعلم حاجته، فأخرها شهرا أو نحو ذلك، فلا لا بأس بذلك.
يقول: "ولا تسقط بتلفه". ذلك على القول أنها تتعلق بالذمة، إذا تلف المال ثبتت في الذمة، فلا تسقط بتلف المال.
باب زكاة الإبل
نصابها خمس، ففي كل خمس إلى أربع وعشرين شاة جذعة ضأن لها ستة أشهر، أو ثنية معز لها سنة، ولا يجزئ بعير، ثم في خمس وعشرين بنت مخاض لها سنة، فإن عدمت فابن لبون، ثم في ست وثلاثين بنت لبون ولها سنتان، ثم في ست وأربعين حقة ولها ثلاث سنين، ثم في إحدى وستين جذعة ولها أربع سنين، ثم في ست وسبعين بنتا لبون، ثم في إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون، ثم في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فلو فقد واجب إبل رقى سنا وأخذ جبرانا أو أنزل وأعطَى هو شاتين أو عشرين درهما.
--------------------------------------------------------------------------------
ذكر بعد ذلك زكاة بهيمة الأنعام، بدأ بزكاة الإبل، الإبل نوعان: عراب، وبخاتي. وإن كانت لا توجد البخاتي إلا قليلا، البختي هو الذي له سنامان، أحدهما أقل وأصغر من الآخر، فتعتبر جنسا واحدا، إذا كان عنده إبل عراب وبخاتي، فهي جنس واحد، إذا كان مثلا ثلاث عراب، واثنتان بخاتي بلغ النصاب، تم النصاب، فيخرج زكاة ذلك النصاب، نصاب الإبل خمس، متى بلغت خمسا فإن عليه الزكاة، ولكن زكاتها من غيرها، تخرج زكاتها في أول الأمر من الغنم، ففي كل خمس شاة، وفي العشر شاتان، وما بين الخمس والعشر -وهو الأربع- تسمى وقصا لا زكاة فيها؛ لأنها دون النصاب، إذا تمت عشرا ففيها شاتان، وفي ثلاث عشرة ثلاث شياه، وفي خمسة عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، فإذا وصلت إلى خمس وعشرين، فزكاتهما من الإبل، يكون زكاتها بنت مخاض، بنت المخاض يعني: بقرة عمرها سنة، سميت بنت مخاض؛ لأن أمها ذات لبن، الماخض: التي فيها لبن. يعني: بعدما تمخضت ولدت صارت ذات لبن.
وليس شرطا أن تكون أمها موجودة حلوبة، فيها بنت مخاض، وما بين خمس وعشرين وخمس وثلاثين هذا لا زيادة فيه يسمى وقصا، فإذا تمت خمسا وثلاثين ففيها بنت لبون، بنت اللبون التي تم لها سنتان؛ لأن أمها غالبا قد ولدت بعدها فهي ذات لبن.
فإذا لم يجد بنت لبون، دفع شاتين وبنت مخاض، أو عشرين درهما، يعني في الزمن القديم، فيها بنت لبون إذا تمت خمسا وثلاثين، حتى تتم ستا وثلاثين بنت لبون، لها سنتان، إلى أن تتم ستا وأربعين، فإذا تمت ستا وأربعين ففيها حِقة، لها ثلاث سنين، سميت بذلك لأنها قد استحقت أن تركب ويحمل عليها، أو استحققت أن يطرقها الفحل، ولا شيء بعد ذلك فيها حتى تتم إحدى وستين، ففيها جزعة لها أربع سنين، وفي ست وسبعين بنتا لبون، ثم في إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، هذا وقص، يعني: ما بين إحدى وتسعين إلى مائة وعشرين، أي: تسع وعشرون كله لا زكاة فيه يسمى وقصا، يعني من عنده إحدى وتسعون عليه حقتان، ومن عنده مائة وتسعة عشر، ليس عليه إلا حقتان.
يقول: "إذا زادت واحدة أي مائة وإحدى وعشرين، ففيها ثلاث بنات لبون" . ثم بعد ذلك في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، إذا تمت مائة وثلاثين ففيها بنتا لبون وحقة؛ لأن مائة وثلاثين: أربعون أربعون خمسون، إذا تمت مائة وأربعين ففيها حقتان وبنت لبون؛ لأن مائة وأربعين: خمسون وخمسون وأربعون.
إذا تمت مائة وخمسين فثلاث حقاق؛ لأنها خمسون وخمسون وخمسون، إذا تمت مائة وستين ففيها أربع بنات لبون؛ لأنها أربع أربعينات، فإذا تمت مائة وسبعين، ففي المائة والعشرين ثلاث بنات لبون، وفي السبعين حقة، فإذا تمت مائة وثمانين ففي المائة حقتان، وفي الثمانين بنتا لبون، وإذا تمت تسعين فالمائة وخمسين فيها ثلاث حقاق، والأربعين فيها بنت لبون، فإذا تمت مائتين استقرت الفريضة، فإن شاء أخرج أربع حقاق؛ لأن مائتان: وخمسون وخمسون وخمسون وخمسون. وإن شاء أخرج خمس بنات لبون؛ لأن المائتين أربعين خمس مرات، وهكذا.
يقول: "إذا فقد واجب الإبل رقى سنا وأخذ جبرانا أو نزل وأعطى وهو شاتان أو عشرون درهما" . صورة ذلك: إذا وجبت عليه بنت مخاض، ودفع بنت لبون، يعطيه العامل شاتين أو عشرين درهما؛ لأنها هي الفاضل، وإذا كان بالعكس: عليه بنت لبون، ولم يجد إلا حقة، دفع الحقة وأعطاه المصدق شاتين، أو بنتي لبون، أو عشرين درهما، إذا وجبت عليه جزعة ولم يجد إلا بنت لبون، فإنه يدفعها ويعطيه المصدق شاتين، أو عشرين درهما، وهكذا بين كل سنين شاتان أو عشرون درهما، بين المخاض واللبون، وبين اللبون والحقة، وبين الحقة والجزعة، الفارق بينهما شاتان أو عشرون درهما.
ويسن أخذ هذين الشاتين جبران، يعني كأنه يقول: ما عندي إلا بنت مخاض، وعلي بنت لبون، أجبر هذا النقص بشاتين. له أن يقبلها المصدق، ذكر بعد ذلك زكاة البقر.
باب زكاة البقر
يجب في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ولـه سنة، وفي كل أربعين مسنة لها سنتان، ثم يتغير الفرض من ستين بكل عشر، والجواميس نوع منه.
--------------------------------------------------------------------------------
البقر من بهيمة الأنعام، ومما ينتفع به، كان الانتفاع به قديما في الحرث، ينضحون عليه، أي: يجعلونه نواضح. ثم في هذه الأزمنة استغني بالمكائن والرشاشات، فأصبحوا مستغنين عن استعمال البقر في النضح، فصاروا يستعملونه للحلاب (للألبان)، تكثر البقر في بعض الدول، يعني تكثر في بعض الدول الأفريقية كالحبشة وغيرها، وتكثر أيضا في اليمن، فإذا بلغت النصاب ففيها الزكاة، أي بالشروط التي تقدمت: أن تكون نصابا ونصابها ثلاثون، وأن تكون سائمة، يعني: ترعى بأفواهها، بخلاف ما إذا كانت معلوفة، وأن يتم الحول.
"نصابها ثلاثون" . إذا تمت ثلاثين وحال عليها الحول، ففيها تبيع أو تبيعة، في هذه الحال يجزئ الذكر والأنثى، يعني: لو دفع ذكرا ويسمى الثور (ذكر البقر)، فعلى العامل أن يأخذه.
فإذا تمت أربعين ففيها مسنة، التبيع عمره سنة، والمسنة لها سنتان، ثم لا زكاة في الزائد حتى تتم ستين، فإذا تمت ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان؛ لأن الستين ثلاثون وثلاثون، ثم في كل عشر زيادة، يعني: كلما زادت عشر فإنها يزيد فيها القدر. ففي السبعين تبيع ومسنة؛ لأن السبعين ثلاثون وأربعون، وفي الثمانين مسنتان؛ لأنها أربعون وأربعون.
وفي التسعين ثلاثة أتبعة أو ثلاث تبيعات؛ لأنها ثلاثون ثلاثون ثلاثون، وفي المائة تبيعان ومسنة وفي المائة والعشر ثلاثة أتبعة، وفي المائة والعشر مسنتان في الثمانين، وتبيع في الثلاثين، وإذا تمت مائة وعشرين استقرت الفريضة، فإن شاء أخرج ثلاث مسنات؛ لأن المائة والعشرين: أربعون وأربعون وأربعون. وإن شاء أخرج أربع أتبعة؛ لأن المائة والعشرين: ثلاثون وثلاثون وثلاثون وثلاثون، وهكذا.
البقر نوعان: البقر العراب، والجواميس. الجواميس: نوع من البقر توجد في بعض البلاد، وهي أكبر جرما من البقر وأكثر لبنا، فلو كان عنده خمسة عشر بقرة وخمسة عشر جاموسا، فإن عليه الزكاة.
باب زكاة الغنم
ونصابها أربعون وفيها شاة، ثم في مائة وإحدى وعشرين شاتان، ثم في مائتين وواحدة ثلاث شياة، ثم في كل مائة شاة، ولا تؤخذ كريمة ولا لئيمة، وإن كان النصاب كله ذكورا أجزأ ذَكَرٌ، أو صغارا فصغير، ولا يجزئ إلا جذع ضأن له ستة أشهر أو ثنية معز، والخلطة تجعل المَالَيْن واحدا، إن اتحد المراح والمشرب والمحلب والمسرح والراعي والفحل، ولم ينفرد في بعض الحول، ويرجع من أخذ منه على خليطه بقيمة حصته بقول المرجوع عليه، ولا يرجع بظلم ولا تأويل.
--------------------------------------------------------------------------------
ذكر بعدها الغنم، الغنم هي أكثر الأملاك، أكثر ما يتملك غالبا من بهيمة الأنعام؛ وذلك لسهولة رعايتها وحفظها، وكذلك أيضا للبركة فيها؛ فإنها فيها البركة، جاء في الحديث: قيل: يا رسول الله، أنصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا. قالوا: أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: صلوا فيها فإنها بركة وقال -صلى الله عليه وسلم-: الفخر والخيلاء في الفدادين أصحاب الإبل، والسكينة في أهل الغنم .
مشاهد كثرتها وبركتها، أن الإنسان يكون عنده عشر من الغنم، فتلد كل سنة بعشر، وربما تلد توأما، وتلد أيضا في السنة مرتين أحيانا، فتتوالد وتكثر؛ فلأجل ذلك قيل: إن فيها البركة. لو نظرنا مثلا إلى الذئاب، الأنثى من الذئاب تلد ستة في بطن واحد، وكذلك الكلاب، ولكن لا بركة فيها، أما الغنم فإنها تلد واحدة أو اثنتين وفيها البركة، لا بد فيها أيضا أن تبلغ النصاب، وأن تكون سائمة، وأن يتم الحول.
نصاب الغنم أربعون، إذا تمت أربعين فإن فيها شاة، الشاة اسم للواحدة من الغنم من الذكور والإناث، من الضأن والمعز، وإذا أرادوا أن يميزوا ذكروا أسماء تخص، فالأنثى من المعز اسمها عنز، والذكر من الماعز اسمه تيس، والأنثى من الضأن اسمها نعجة، والذكر من الضأن اسمه كبش، والشاة يعم الجميع، الكبش اسمه شاة والتيس اسمه شاة، هذا مسماه في اللغة، والغنم تسمى شاء، يعني اسما يعمها.
فإذا تمت مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان. أي أن من عنده أربعون عليه شاة، ومن عنده مائة وعشرون عليه شاة، ما بينهما فإنه وقص لا زيادة فيه، حتى تتم مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها شاتان، من عنده مائة وإحدى وعشرون عليه شاتان، من عنده مائتان عليه شاتان، فإذا زادت واحدة مائتان وواحدة، فإن فيها ثلاث شياه، ثم بعد ذلك تستقر الفريضة: من عنده مائتان وواحدة عليه ثلاث شياه، من عنده أربعمائة إلا واحدة عليه ثلاث شياه، يعني: ما فوق مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة وتسع وتسعين، كل هذا يسمى وقصا لا زيادة فيه، حتى تتم أربعمائة، إذا تمت أربعمائة استقرت الفريضة في كل مائة شاة. فالأربعمائة أربع شياه، والخمسمائة خمس شياه، وهكذا.
ولا تؤخذ كريمة ولا لئيمة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: فإياك وكرائم أموالهم الكريمة: هي السمينة، أو اللبون، أو الخيار (خيار الغنم). إذا كانت الغنم هزيلة، فلا يأخذ الخيار التي هي أرفعهن ثمنا وأسمنهن مثلا، وإنما يأخذ الوسط. إن الله لم يكلفكم خيار أموالكم، ولا يقبل منكم شرارها، ولكن من وسط المال ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: واتق دعوة المظلوم يعني: إذا أخذ منه أكثر من الواجب، قد يدعو على ذلك الآخذ دعوة مظلوم.
لا تؤخذ اللئيمة، وهي الهزيلة أو المريضة أو المعيبة بعيب يقدح في الأضحية، لا تؤخذ؛ لأن أخذها نقص في حق الفقراء، ظلم للفقراء، بل يأخذ من الوسط.
يقول: "لو كان النصاب كله ذكورا، أخذ ذكرا". أجزأ ذكر، لو أن إنسان اشترى مثلا خمسة جمال، اشتراها في أول السنة وأخذ يرعاها، لا يستعملها لأجل الركوب والنضح عليها، فإنها لا زكاة فيها، النواضح والسواني وركاب الحمل التي يحمل عليها لا زكاة فيها؛ وذلك لأنها أعدت للاستعمال، ولكن لو أعدها لأجل أن تكون فحولا يعيرها أو يؤجرها، مع أنه لا يجوز بيع عسب الفحل، ففي هذه الحال فيها زكاة، يخرج زكاتها ذكرا، يعني ابن مخاض أو نحو ذلك، أو ذكرا من الضأن أو من الماعز.
وكذا لو كان عنده أربعون ذكرا من الضأن، من تيس وكبش، أعدها للغراض أو للتأجير أو نحو ذلك، فإنه يخرج زكاتها ذكرا، وهكذا لو كان النصاب كله صغارا، لو أنه اشترى في أول السنة أربعين سخلة صغار، يعني: يحملها الراعي، وتمت السنة عنده، يخرج زكاتها منها، يعني من الصغار، أما إذا كانت كبارا، فلا بد أن تكون مجزئة، فلا يخرج من الغنم إلا جزع ضأن أو ثني معز، الجزع: ما له ستة أشهر، والثني: ما له سنة، فالمعز لا بد أن يكون له سنة، والضأن يتسامح فيه فيقبل، ولو كان له نصف سنة كالأضاحي، مع الأضاحي يجزئ من الأضحية ما له ستة أشهر، ومن المعز ما له سنة.
الخلطة تصير المالين كالواحد. إذا اختلط اثنان في غنم أو في إبل سنة كاملة، فإنهما يترادان، ويكون المال كأنه واحدا يخرج منه زكاته، لو كان لهذا خمس وعشرون من الغنم، ولهذا خمس وعشرون من الغنم، واختلطا سنة كاملة، الراعي واحد، والمرعى واحد، جاء العامل يخرج شاة، يأخذ منهم شاة واحدة، من غنم هذا، أو من غنم هذا، ويترادان، إذا أخذ من غنم أحدهما، دفع الآخر له نصف الثمن.
الخلطة تكون في الإبل. إذا كان لهذا ثلاث من الإبل، ولهذا ثلاث، واختلطا سنة، عليهما شاة يتحاسبانها بينهم، وتكون أيضا في البقر، إذا كان عندك خمسة عشر، وعند هذا خمسة عشر، واختلطوا سنة واحدة، فإن عليهم تبيع أو تبيعة، الذي يدفعها من بقره يحاسب الآخر على نصف الثمن.
الخلطة تجعل المالين واحدا بشروط:
الأول:
أن يكون المراح واحدا، أتعرف المراح؟ هو المكان الذي تبيت فيه، إذا كانت قد جعلوا لها سورا أو شباكا، أو زربية تمسي فيه في مكان واحد.
الثاني:
المشرب. تشرب من حوض واحد، وبدلو واحد، اجتمعوا واشتروا دلوا واشتروا حوضا، وصاروا يسقونها فيه، وفي هذه الأزمنة البراك، إذا جعلوا لها براكا، أو سقوها في البوادي، في الأحواض التي تكون من الحديد من صناديق + إذا كان مشربها واحدا، غنم هذا وغنم هذا، إبل هذا وإبل هذا.
الثالث:
المحلب. يأتون ويحلبونها وهي في مكان واحد، يحلب هذا غنمه وهذا غنمه، وهو في هذا المراح الذي هو هذا الحوش.
الرابع:
المسرح. بمعنى أنها تسرح جميعا، بخلاف ما إذا سرحت هذه هنا وهذه هنا.
الخامس:
الراعي. الراعي واحد، ثلاثون من البقر، أربعون من الغنم، عشرون من الإبل، الراعي واحد، يرعاها جميعا ويأتي بها جميعا.
السادس:
الفحل. الفحل واحد، يطرق هذه وهذه.
فإذا اتحدت في هذه الخمسة أو الستة، فإنها تكون كالشيء الواحد.
ولا يجوز أن يتفرقوا لأجل الصدقة، إذا كان لهذا ثلاثين من الغنم وهذا ثلاثين، إذا أقبل العامل يقولون: نتفرق، اعزل غنمي واعزل غنمك. إلى أن يروح العامل، أنا ما عندي إلا ثلاثين، وأنت ما عندك إلا ثلاثين، وهي أقل من النصاب، هل يجوز؟ لا يجوز، لا يجوز أن يفرق بينها، ولا يجوز الجمع أيضا، إذا كان اثنان أخوان، هذا له ثلاثون وهذا له ثلاثون، وهذا له راعي وهذا له راعي، إذا جاء العامل وقال: أنتم أخوان نجمع مالكم. ما يجوز، يريد الجمع حتى يصل ستين فيأخذ منها شاة، كل منهم يقول: أنا مالي متميز، أنا غنمي تبيت في حوشي، أو في مراحي، وغنم أخي تبيت في مراحه، فكيف تجمع بيننا، ما اجتمعنا؟ فلا زكاة عليهما.
وكذلك أيضا لو كانوا أكثر من ذلك، لو كان لهذا سبعون ولهذا سبعون وهم، معنى أن على كل واحد منهم شاة، فلا يجوز أن يتفرقوا حتى يكون عليهم على كل واحد منهم شاة، ولا يجوز أن يجمعوا، لو كان لهذا مثلا خمسون ولهذا خمسون، يقول: أجمعكم، اجتمعوا، نجتمع ... حتى يكون علينا شاة؛ لأنها + ما فيها إلا شاة. نقول: تفرقوا، يأخذ منكما شاتين: من هذا شاة، ومن هذا شاة؛ لأنكم متفرقون أصلا.
فلا يجوز أن يفرق بين مجتمع، ولا يجتمع بين متفرق خشية الزكاة، فإذا كانوا مجتمعين مختلطين، واختلاطهم بالحول كله، من أول السنة إلى آخر السنة، لم ينفرد أحد منهم في بعض السنة، فإن الزكاة عليهم جميعا، أما إذا كانوا تفرقوا في أثناء السنة، يعني: اجتمعوا على رأي واحد خمسة أشهر، ثم بعد ذلك انفصلوا، تفرقوا، ذهب هذا شرقا وهذا غربا، وكل واحد منهما جعل لغنمه راعي، ثم بعد نصف سنة أو بعد خمسة أشهر اجتمعوا، عادوا إلى الاجتماع والاختلاط، هذا التفرق يسبب عدم اجتماعهم، فعلى كل منهم زكاته وحده، إذا كانوا مثلا خمسين وخمسين، عليهم شاة واحدة أخذها من غنم واحد، الثاني يحاسبه، يقول: أخذت الزكاة من مالي، أعطني نصف القيمة؛ فإن عليك نصفها.
فإن كان أحدهما أقل فعليه بحسابه، إذا كانوا ثلاثة: واحد له ستون، وواحد له عشرون، وواحد له عشر، الجميع تسعون، أخذت من مال الذي له ستون، يقول لهم: أعطوني الثلث، أنا لي ثلثان، وأنتم لكم الثلث. هذا الثلث يحمل أحدهما ثلثيه والآخر ثلثه، يرجع من أخذ منه على خليطه بقيمة حصته، ويصدق الدافع، الذي دفع الشاة يصدق، إذا قال: قيمة الشاة ثلاثمائة، فعلي أنا الثلثين، وعليكم الثلث. يصدق ويدفعون له ثلث القيمة، أو نصف القيمة.
إذا ظلمهم العامل إذا كان عليهم شاة واحدة، وظلمهم وأخذ شاتين من مال أحدهما، أحد الشريكين المختلطين، فهذا ظلم لا يرجع به على أصحابه، ولا يقول: إنه ظلمني أخذ من مالي شاتين ونحن ما علينا إلا شاة، نقول: هذا يتحمله ولك أن تشتكيه، وأما نحن فإنما نزكي ما ليس بظلم ندفع الثلث (ثلث الشاة). لكن إذا كان ذلك الظالم متأولا فإن له أخذه، إذا قال: إن هؤلاء كانوا متفرقين، وإنهم اجتمعوا خشية الزكاة. يعني: كانوا في الأربعين وأربعين، عليهم شاتين، واجتمعوا حتى ما يكون عليهم إلا شاة، وتحققت أنهم فعلوا ذلك، وأخذت منهم شاتين، فهذا له حق، أي له نظره وله تأويله، فإذن يدفعون قيمة الشاتين، أو يتراضون بينهم.
باب زكاة النقدين
نصاب الذهب عشرون مثقالا، والفضة مائتا درهم، وفيهما ربع العشر، وما زاد بحسابه، ولو شك في مغشوش سبكه أو استظهر بزيادة، وفي الركاز الخمس عند حصوله، وهو دفن الجاهلية، وفي المعدن ربع عشر قيمته إن بلغت نصابا في الحال، سواء كان بدفعة أو دفعات بلا إهمال، والله سبحانه أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
الباب الذي بعده (باب زكاة النقدين). يراد بها الذهب والفضة المضروبة التي أصبحت نقودا، سميت بذلك لأن لها نقيد عندما تنقد، يعني: عندما تسلم يكون لها نقيد، يعني تسيط، من الذهب الدينار، ومن الفضة الدرهم، وفي هذه الأزمنة أو في هذه البلاد، من الذهب الجنيه، ومن الفضة الريال، وكذا ما يقوم مقامها من الأوراق النقدية، تجب الزكاة في النقدين، الذهب أول ما يخرج من الأرض يسمى تبرا، إذا كان فيه ترابه وفيه حجارته، كذلك أيضا الفضة إذا أخرجت من الأرض فإنها تسمى تبرا، كذلك بعدما تصفى تسمى مسبوكة، إذا أخذها الصواغون وأوقدوا عليها في النار، تميز الذهب وماع، وبقي الخبث التراب والحجارة، فيجعلها سبائك، يقول الشاعر:
ســبكناه ونحســبه لجينــا
فأنفى الكير عن خبث الحديد
اللجين: هو الذهب. إذا عمل لباسا سمي مصوغا، إذا جعل منه خلاخل أو أسورة أو أقراط أو خواتيم، نسميه مصوغة، يعني: حليا. فإذا ضرب دراهم أو دنانير، نسميه مضروبا، فأولا التبر، ثم مسبوك، ثم مصوغ، ثم مضروب، يعني: نقود.
فنصاب الذهب عشرون مثقالا. والمثقال هو الدينار، أي قريب من الدينار، أي عشرون دينارا. وقدرت في هذه الأزمنة بما يسمى بالجرام، وإذا هي إحدى وتسعون جراما، فإذا كان الذهب عنده بهذا المقدار، فإنها نصاب.
الفضة مائتا درهم. نصابها مائتا درهم، وقدرت بالفضة الدراهم الفضية ستة وخمسون ريالا عربيا سعوديا، وبالريال الفرنسي اثنان وعشرون ريالا فرنسيا؛ لأن الريال الفرنسي وزن اثنين ونصف من الريال السعودي، هذا هو النصاب.
وحيث عدم التعامل إلا بهذه الأوراق، رجع إلى قيمتها؛ وذلك لأنها جعلت عوضا وجعلت بدلا من الريالات الفضية، لأنها لا تختزن وتعرض للتلف، كما قال بعضهم يحث حفظ المتون، وينهى عن الاعتماد على الكتب، يقول: فالنـار تحرقها واللص يسرقها
والماء يغرقها والفأر يخرقها
يأتي هذا الوصف على هذه الدراهم الورقية، وإذا كان كذلك فإنه لا قيمة لها، فعلى هذا ينظر فيما تساويه من النقود، العادة الآن أنهم ينظرون إلى القيمة التقريبية عند الصيارفة، لو أتيت تطلب ريالات فضية ومعك ريالات ورقية، يمكن أنك لا تجدها إلا الريال الفضي بعشرة ريالات ورقية، وذلك لأن الريالات الورقية تتعرض للتلف، ولا تصلح للاختزان، بخلاف الريالات الفضية، فهي أغلى ثمنا، ولأنها إذا تغيرت فسبيلها الإتلاف والإحراق، إذا تغيرت العملة ونهي عن التعامل بها، وأما الريالات الفضية إذا بطل التعامل بها، فإنها تصلح، يأخذه الصواغون ويصوغونها خواتيم، أو يصوغونها أسورة، أو يصوغونها خرزا وقلائد أو نحو ذلك، ينتفع بها وتبقى مادتها، فعلى ما ذكر يكون النصاب من الأوراق النقدية (الريالات السعودية) خمسمائة وستون، على أن كل ريال فضي يساوي عشرة ورقية، فإذا ضربنا ستة وخمسين -ضربناها- في عشرة، خمسمائة وستين.
يشترط لها الحول. يعني: يمضي عليها الحول، يشترط لها النصاب ويشترط لها الحول. ولو كانت مخزونة؛ لقوله -تعالى-: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بمعني أنهم خزنوها وأودعوها، فكان ذلك سببا في أنهم يطالبون بالزكاة فيها، ولأنها صالحة للاتجار بها، هذا الذي كنزها نقول: إنك تقدر على أن تشتري بها سلعا وتنميها، صحيح أنها هي لا تتوالد، ولكن تصلح أنك تشتري بها غنما وتبيع، وتشتري بها ثيابا وتبيعها وتربح، فتكون فيها الأهلية للتنمية، وما زاد على النصاب بحسابه، إذا قلنا: إن النصاب خمسمائة وستين. وكان عنده خمسمائة وسبعين، فهذه العشرة يخرج زكاتها ربع عشرها، وهكذا.
وليس فيها وقص كالبهيمة، هذا معنى قوله: "وما زاد بحسابه". ولو شك في مغشوش سبكه، أو استظهر بزيادة، إذا قال: يمكن أن هذا الذهب نصفه خبث أنه مغشوش، في هذه الحال يعطي السباكون الصواغون؛ فإن لهم معرفة، فيعطي لهم وينظر هل فيه غش، وإذا وجدوا فيه غشا، فلا زكاة فيه إذا لم يبلغ النصاب صافيا، وكذلك إذا استظهر بزيادة، بمعنى أنه نظر إلى سبكه يصير فيه زيادة عن النصاب.
يقول: "وفي الركاز الخمس عند حصوله، وهو دفن الجاهلية" . من عثر على كنز في الأرض، وعرف أنه للكفار، كنز ذهب أو فضة، حلي أو مصوغ أو غير ذلك من الكنوز، فإنه يعتبره غنيمة، فقليله وكثيره يخرج منه الخمس، كما يخرج خمس الغنيمة، إذا كان عليه علامة الجاهلية، أما إذا كان مضروبا ضربا إسلاميا، عليه علامات المسلمين، فإنه يعتبر لقطة، يعرف كما تعرف اللقطة.
المعدن فيه ربع عشر قيمته، إذا بلغ نصابا في الحال، سواء كان بدفعة أو دفعات بلا إهمال. إذا عثر إنسان على معدن، يعني: المنجم الذي يكون في الأرض، واستخرج من هذا المعدن مواد ذهب، أو مواد فضة، أو مواد نحاس، أو حديد أو صفر، أو شيء من المعادن، فإن فيه إذا بلغ النصاب ربع العشر.
إذا عثر إنسان على معدن، يعني المنجم الذي يكون في الأرض، واستخرج من هذا المنجم مواد ذهب، أو مواد فضة، أو مواد نحاس أو حديد أو صفر، أو شيء من المعادن، فإن فيه إذا بلغ النصاب ربع العشر.
إن كان من المواد الرخيصة، مثل الملح أو الجص أو الكحل، يعني قد يوجد في الأرض، فإنه لا زكاة فيه إلا إذا بلغت قيمته نصابًا، يثمن في الحال، يقال: أنت استخرجت من هذه الحفرة هذا الذهب، نثمنه، إذا بلغ نصابًا فأخرج في الحال ربع العشر، فإذا كان ما حال الحول نقول: إنه كسب جديد فأخْرِج النصاب فأخرج الزكاة.
واشترط بعضهم أن يحول الحول عليه، ويعدونه كأنه كسب جديد؛ لأن الكسب الجديد لا حق لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.
فإذا كان بدفعات، يعني يخرج من هذا المعدن في هذا الشهر ما قيمته مائة، وفي الشهر الثاني ما قيمته مائة، إلى أن يخرج ما قيمته ستمائة، وإذا هي نصاب، فإن فيه الزكاة، سواء كان بدفعة، كأن أخرجه كله في شهر ما قيمته ستمائة، أو في ستة أشهر ما قيمته ستمائة، بلا إهمال، يعني لم يكن تركه إهمالا، ففيه الزكاة. أما إذا أهمله، وجاء غيره فأخرجه، فإن الزكاة على الطرف الثاني. والله تعالى أعلم.
س: أحسن الله إليكم. سماحة الشيخ، سائل يقول: هل يجوز إخراج الزكاة لمال صاحبه مديون بقسط شهري أكثر مما يملك؟
ج: لا زكاة عليه؛ فإن الدين يسقط الزكاة في الأموال الخفية، أما الظاهرة فلا. صاحب الغنم أو الإبل لو قال: إبلي تساوي عشرة آلاف، وأنا في ذمتي عشرين ألف. عليك زكاة إذا تمت الأوساق.
وأما إذا قال: أنا رأس مالي في هذا الدكان، ودكاني لو أقدره يساوي ألفين، ولكني مدين بثلاثة آلاف. لا زكاة عليه.
س: أحسن الله إليكم. يقول: إذا عرضت عقارًا لدي مدة سنتين عند السمسار ولم يُبَع، ثم ذهبت للسمسار وأوقفت عرضه، وبعد أشهر عرضته مرة أخرى أنا، وبيع بعد أشهر ما تمت حولا منذ العرض الثاني، فهل علي زكاة الحولين الأولين؟
ج: صحيح أن عليك زكاة سنة واحدة، يعني أنه لو بقي معروضًا عند هذا أو هذا عشرين سنة فلا نلزمك بأن تخرج زكاة عشرين سنة؛ لأنها قد تكون ربع ثمنه أو ثلث الثمن، فلأجل ذلك إنما يخرج الزكاة سنة واحدة.
س: سماحة الشيخ، لو دفعت الزكاة، وزادت عن النصاب -خطأ- بمبلغ كبير. هل يجوز حذف الزائد من زكاة السنة القادمة؟
ج: الزكاة لا بد لها من النية، فإذا أخرجت أكثر من الواجب ولم تنوِه عن السنة القابلة فلا يجزي، اعتبره تطوعًا.
س: أحسن الله إليكم. سماحة الشيخ، هل في المال المدفوع تأمين لفتح مؤسسة أو مركز تجاري للدولة، هل فيه زكاة وهذا مال يدفع للتأمين مائة ألف أو خمسين ألف وترد له عندما يُلْغى نشاطه التجاري؟
ج: نرى أنه لا زكاة فيه؛ لأنه لا يقدر على أخذه، لا يقدر على استرداده، فكأنه مغصوب، أو كأنه غائب وضائع، وإن كان يعرف مكانه. هذه التأمينات ونحوها ليست في استطاعته، وليست تحت تصرفه، ولا يقدر على تنميتها، فإذا ردت إليه ولو بعد عشر سنين أخرج زكاتها عن سنة واحدة.
س: أحسن الله إليكم. هل في الأل